قال شيخ الإسلام: (والأول هو العدل والقسط الذي دل عليه الكتاب والسنة).
يعني: ليس الميل إلى الأغنياء على الفقراء، ولا الميل إلى الفقراء على الأغنياء، فالعدل هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، وتبعهم عليه عمر بن عبد العزيز ، و مالك ، و أحمد ، و الليث ، و ابن المبارك وأمثالهم.
قال شيخ الإسلام: (ونصوص النبي صلى الله عليه وسلم معتدلة -يعني: لا حيف فيها ولا جور- فإنه قد روي: ( أن الفقراء قالوا له: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال يتصدقون بها ولا نتصدق، فقال: ألا أعلمكم شيئاً إذا فعلتموه أدركتم به من سبقكم، ولم يلحقكم من بعدكم إلا من عمل مثل عملكم؟ فعلمهم التسبيح المائة في دبر كل صلاة، فجاءوا إليه فقالوا: إن إخواننا من الأغنياء سمعوا ذلك ففعلوه ) ).
وهذا هو التنافس، (( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ))[المطففين:26].
قال: ( ( فقال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ).
لكن مع ذلك لو أكثر الفقراء من الذكر فربما يقاربون أو يزيدون على الصدقة، فلا ييأس الفقير، ولكن يكثر من الذكر، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( رجلان: أحدهما يذكر الله، والآخر ينفق الدرهم والدينار، الذي يذكر الله أفضل ) وهذا أيضاً تفضيل بحسب حالة معينة، فأنت بذكرك الله أفضل بإذن الله، وإن أعطاك الله المال فكن مثل الصحابة، قل: سبحان الله، والحمد لله، وأنفق، فهذا هو حال الذين ينافسون في الخير، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
يقول: (وهذه الزيادة في صحيح مسلم من مراسيل أبي صالح ، فهذا فيه تفضيل للأغنياء الذين عملوا مثل عمل الفقراء من العبادات البدنية، بالقلب والبدن، وزادوا عليهم بالإنفاق في سبيل الله ونحوه من العبادات المالية).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.